المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 103 بتاريخ السبت أكتوبر 05, 2024 9:36 am
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
أحباب الروح | ||||
سنديانة | ||||
فراشة القمر | ||||
مازن القنطار | ||||
بركان الحب | ||||
دموع المطر | ||||
نسرين المهتار | ||||
نور الحب | ||||
جوري | ||||
عاشق الليل |
المعز لدين الله الفاطمي
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المعز لدين الله الفاطمي
ولاية المعز لدين الله
ولى المعز لدين الله الخلافة الفاطمية في سنة 341هـ= 952م خلفا لأبيه المنصور أبي طاهر إسماعيل، الخليفة الثالث في قائمة الخلفاء الفاطميين، وكان المعز رجلا مثقفا يجيد عدة لغات مولعا بالعلوم والآداب متمرسا بإدارة شئون الدولة وتصريف أمورها كيسا فطنا يحظى باحترام رجال الدولة وتقديرهم.
وانتهج المعز سياسة رشيدة، فأصلح ما أفسدته ثورات الخارجين على الدولة، ونجح في بناء جيش قوي، واصطناع القادة والفاتحين وتوحيد بلاد المغرب تحت رايته وسلطانه ومد نفوذه إلى جنوب إيطاليا.
ولم تغفل عينا المعز لدين الله عن مصر، فكان يتابع أخبارها، وينتظر الفرصة السانحة لكي يبسط نفوذه عليها، متذرعا بالصبر وحسن الإعداد، حتى يتهيأ له النجاح والظفر
الفاطميون ومصر
تطلع الفاطميون منذ أن قامت دولتهم في المغرب إلى فتح مصر فتكررت محاولتهم لتحقيق هذا الحلم غير أنها لم تكلل بالنجاح، وقد بدأت هذه المحاولات منذ عام 301هـ= 913م أي بعد قيام الدولة بأربع سنوات، الأمر الذي يؤكد عزم الخلفاء الفاطميين على بسط نفوذهم على مصر، وكان فشل كل محاولة يقومون بها تزيدهم إصرارا على تكرارها ومعاودتها مرة بعد مرة، ونبهت هذه المحاولات الخلافة العباسية إلى ضرورة درء هذا الخطر، فدعمت وجودها العسكري في مصر، وأسندت ولايتها إلى محمد بن طغج الإخشيد، فأوقفت تلك المحاولات إلى حين.
حالة مصر الداخلية قبل الفتح
كانت مصر خلال هذه الفترة تمر بمرحلة عصيبة، فالأزمة الاقتصادية تعصف بها والخلافة العباسية التي تتبعها مصر عاجزة عن فرض حمايتها لها بعد أن أصبحت أسيرة لنفوذ البويهيين الشيعة، ودعاة الفاطميين يبثون دعوتهم في مصر يبشرون أتباعهم بقدوم سادتهم، وجاءت وفاة كافور الأخشيد سنة (357هـ=968م) لتزيل آخر عقبة في طريق الفاطميين إلى غايتهم، وكان كافور بيده مقاليد أمور مصر، ويقف حجر عثرة أمام طموح الفاطميين للاستيلاء عليها.
وحين تولى زمام الأمور أبو الفضل جعفر بن الفرات ولم تسلس له قيادة مصر، وعجز عن مكافحة الغلاء الذي سببه نقص ماء النيل، واضطربت الأحوال، وضاق الناس بالحكم، كتب بعضهم إلى المعز يزينون له فتح مصر ولم يكن هو في حاجة إلى من يزين له الأمر؛ إذ كان يراقب الأوضاع عن كثب، ويمني نفسه باللحظة التي يدخل فيها مصر فاتحا، فيحقق لنفسه ما عجز أجداده عن تحقيقه.
مقدمات الفتح
كان أمل الفاطميين التوسع شرقا ومجابهة الخلافة العباسية للقضاء عليها، وإذا كانت دعوتهم قد أقاموها في أطراف العالم الإسلامي حتى تكون بعيدة عن العباسيين، فإن ذلك لم يعد مقبولا عندهم بعد أن قويت شوكتهم واتسع نفوذهم، وأصبحت الفرصة مواتية لتحقيق الحلم المنشود، والتواجد في قلب العالم الإسلامي.
وقد بدأ الفاطميون منذ سنة (355هـ= 996) استعدادهم للانتقال إلى مصر، واتخاذ الإجراءات التي تعينهم على ذلك، فأمر المعز بحفر الآبار في طريق مصر، وبناء الاستراحات على طوال الطريق، وعهد إلى ابنه "تميم" بالإشراف على هذه الأعمال.
فتح مصر
حشد المعز لدين الله لفتح مصر جيشا هائلا بلغ 100 ألف جندي أغلبهم من القبائل البربرية وجعل قيادته لواحد من أكفأ القادة هو جوهر الصقلي الذي نجح من قبل في بسط نفوذ الفاطميين في الشمال الأفريقي كله وخرج المعز في وداعهم في 14 من ربيع الأول 358هـ = 4 من فبراير 969م ولم يجد الجيش مشقة في مهمته ودخل عاصمة البلاد في 17 من شعبان 358هـ= 6 يوليو 969م دون مقاومة تذكر، وبعد أن أعطى الأمان للمصريين.
الخليفة الفاطمي في القاهرة
ملف:Azharwithsunset.JPG
الأزهر بالقاهرةرأى جوهر الصقلي أن الوقت قد حان لحضور الخليفة المعز بنفسه إلى مصر، وأن الظروف مهيأة لاستقباله في القاهرة عاصمته الجديدة فكتب إليه يدعوه إلى الحضور وتسلم زمام الحكم فخرج المعز من المنصورية عاصمته في المغرب وكانت تتصل بالقيروان في 21 من شوال 361 هـ= 5 من أغسطس 972م وحمل معه كل ذخائره وأمواله حتى توابيت آبائه حملها معه وهو في طريقه إليها واستخلف على المغرب أسرة بربرية محلية هي أسرة بني زيري، وكان هذا يعني أن الفاطميين قد عزموا على الاستقرار في القاهرة، وأن فتحهم لها لم يكن لكسب أراضٍ جديدة لدولتهم، وغنما لتكون مستقرا لهم ومركزا يهددون به الخلافة العباسية.
وصل المعز إلى القاهرة في 7 رمضان 362هـ= 11 يونيو 972م، وأقام في القصر الذي بناه جوهر، وفي اليوم الثاني خرج لاستقبال مهنئيه وأصبحت القاهرة منذ ذلك الحين مقرا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية السنية.
قضى المعز لدين الله القسم الأكبر من خلافته في المغرب، ولم يبق في مصر إلا نحو 3 سنوات، ولكنها كانت ذات تأثير في حياة دولته، فقد نجح في نقل مركز دولته إلى القاهرة، وأقام حكومة قوية أحدثت انقلابا في المظاهر الدينية والثقافية والاجتماعية في مصر، ولا تزال بعض آثاره تطل علينا حتى الآن، وجعل من مصر قلبا للعالم الإسلامي ومركزا لنشر دعوته الإسماعيلية والتطلع إلى التوسع وبسط النفوذ.
وقد قامت القاهرة بعد ذلك بدورها القيادي حتى بعد سقوط الدولة الفاطمية في الوقوف أمام المد الصليبي وهجمات المغول، وهو ما يثبت أن العالم الإسلامي كان بحاجة إلى مركز متوسط للقيام بمثل هذه الأدوار، وهذا ما تنبه إليه الفاطميون وأثبتته أحداث التاريخ من قديم الزمان؛ حيث كانت الإسكندرية تشغله في العصر الروماني البيزنطي.
ولم تطل الحياة بالمعز في القاهرة ليشهد ثمار ما أنجزته يداه، لكن حسبه أنه نجح في الانتقال بدولته من المغرب التي كانت تنهكها ثورات البربر المتتالية، ولم تدع له فرصة لالتقاط أنفاسها حتى تكون مستقرا جديدا للتوسع والاستمرار، وأنه أول خليفة فاطمي يحكم دولته من القاهرة، عاصمته الجديدة.
أرسل المعز جيشه بقيادة جوهر الصقلي في حروب ضد قبائل المغرب وأمويي الأندلس. كما أكدت غاراته على إيطاليا سيادة الفاطميين على البحر المتوسط على حساب البيزنطيين. وتوفي الخليفة المعز لدين الله في القاهرة في 16 ربيع الثاني 365 هـ/23 ديسمبر 975م.
المعز لدين الله والقرامطة
بالرغم من أن الإسماعيلية والقرامطة يصدران عن مذهب واحد، أو عن فرقتين تؤولان إلى نفس المذهب، هو التشيّع؛ إلا أن اختلاف الاستراتيجيات السياسية جعلت منهما خصمين لدودين، وقد تميّز عهد المعز بتأليب المسلمين على القرامطة الذين تركت أعمالهم أثراً سيئاً في نفوس المسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، وعلى الأخص انتزاعهم للحجر الأسود من الكعبة واحتفاظهم به لعدة سنوات.
وقد حارب المعز القرامطة وجرّد لهم الجيوش إلى أن استطاع إبعادهم إلى شرق الجزيرة العربية بعيداً عن مكة وجوارها، ويذكر التاريخ أن عدة مراسلات نشأت بين الطرفين، ولكن أشهرها هي رسالة المعز التي نورد مقتطفاً منها أدناه:
من عبد الله ووليه وخيرته وصفيه معد أبي تميم المعز لدين الله أمير المؤمنين وسلالة خيبر النبيين ونجل علي أفضل الوصيين إلى الحسن بن أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم رسوم النطقاء ومذاهب الأئمة والأنبياء ومسالك الرسل والأوصياء السالف والآنف منا صلوات الله علينا وعلى آبائنا أولى الأيدي والأبصار في متقدم الدهور والأكوار وسالف الأزمان والأعصار عند قيامهم بأحكام الله وانتصابهم لأمر الله الابتداء بالإعذار والانتهاء بالإنذار قبل إنفاذ الأقدار في أهل الشقاق والأصار لتكون الحجة على من خالف وعصى والعقوبة على من باين وغوى حسب ما قال الله جل وعز: "وما كُنَّا مُعَذِّبينَ حتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً". (...)
استشعروا النظر قد نقر في الناقور وفار التنور وأتى النذير بين يدي عذاب شديد فمن شاء فلينظر ومن شاء فليتدبر وما على الرسول إلا البلاغ المبين. وكتابنا هذا من فسطاط مصر وقد جئناها على قدر مقدور ووقت مذكور فلا نرفع قدماً ولا نضع قدماً إلا بعلم موضوع وحكم مجموع وأجل معلوم وأمر قد سبق وقضاء قد تحقق. (...)
فما أنت وقومك إلا كمناخ نعم أو كمراح غنم فإما نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون وأنت في القفص مصفودا ونتوفنيك فإلينا مرجعهم فعندها تخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين "فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَولَّى"، "كأَنهم يوم يَرَوْنَ ما يُوعدُونَ لم يَلبثوا إلا ساعةَ من نهارٍ بلاغٌ فهل يُهْلَكُ إِلا القومُ الفاسقون". فليتدبر من كان ذا تدبر وليتفكر من كان ذا تفكر وليحذر يوم القيامة من الحسرة والندامة "أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يحَسْرَتَي عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنبِ اللّهِ" ويا حسرتنا على ما فرطنا ويا ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل، هيهات غلبت عليكم شقاوتكم وكنتم قوماً بوراً.
والسلام على من اتبع الهدى وسلم من عواقب الردى وانتمى إلى الملأ الأعلى وحسبنا الله الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا النبي الأمى والطيبين من عترته وسلم تسليماً.[1]
المعز لدين الله مخترع قلم الحبر
كان للمعز لدين الله إلى جانب اهتمامه بالعقيدة والفلسفة والأدب اهتمامات علمية جعلت مجلسه يعجّ بالعلماء والأطباء والفنانين، إلا أن أطرف ما يذكره المقريزي في هذا المجال هو اختراعه لقلم الحبر الذي ما أن يخطّ به الكاتب على وجه الصفحة حتى يسيل، ويتوقف ما أن يرفع يده عنها.
[b]
ولى المعز لدين الله الخلافة الفاطمية في سنة 341هـ= 952م خلفا لأبيه المنصور أبي طاهر إسماعيل، الخليفة الثالث في قائمة الخلفاء الفاطميين، وكان المعز رجلا مثقفا يجيد عدة لغات مولعا بالعلوم والآداب متمرسا بإدارة شئون الدولة وتصريف أمورها كيسا فطنا يحظى باحترام رجال الدولة وتقديرهم.
وانتهج المعز سياسة رشيدة، فأصلح ما أفسدته ثورات الخارجين على الدولة، ونجح في بناء جيش قوي، واصطناع القادة والفاتحين وتوحيد بلاد المغرب تحت رايته وسلطانه ومد نفوذه إلى جنوب إيطاليا.
ولم تغفل عينا المعز لدين الله عن مصر، فكان يتابع أخبارها، وينتظر الفرصة السانحة لكي يبسط نفوذه عليها، متذرعا بالصبر وحسن الإعداد، حتى يتهيأ له النجاح والظفر
الفاطميون ومصر
تطلع الفاطميون منذ أن قامت دولتهم في المغرب إلى فتح مصر فتكررت محاولتهم لتحقيق هذا الحلم غير أنها لم تكلل بالنجاح، وقد بدأت هذه المحاولات منذ عام 301هـ= 913م أي بعد قيام الدولة بأربع سنوات، الأمر الذي يؤكد عزم الخلفاء الفاطميين على بسط نفوذهم على مصر، وكان فشل كل محاولة يقومون بها تزيدهم إصرارا على تكرارها ومعاودتها مرة بعد مرة، ونبهت هذه المحاولات الخلافة العباسية إلى ضرورة درء هذا الخطر، فدعمت وجودها العسكري في مصر، وأسندت ولايتها إلى محمد بن طغج الإخشيد، فأوقفت تلك المحاولات إلى حين.
حالة مصر الداخلية قبل الفتح
كانت مصر خلال هذه الفترة تمر بمرحلة عصيبة، فالأزمة الاقتصادية تعصف بها والخلافة العباسية التي تتبعها مصر عاجزة عن فرض حمايتها لها بعد أن أصبحت أسيرة لنفوذ البويهيين الشيعة، ودعاة الفاطميين يبثون دعوتهم في مصر يبشرون أتباعهم بقدوم سادتهم، وجاءت وفاة كافور الأخشيد سنة (357هـ=968م) لتزيل آخر عقبة في طريق الفاطميين إلى غايتهم، وكان كافور بيده مقاليد أمور مصر، ويقف حجر عثرة أمام طموح الفاطميين للاستيلاء عليها.
وحين تولى زمام الأمور أبو الفضل جعفر بن الفرات ولم تسلس له قيادة مصر، وعجز عن مكافحة الغلاء الذي سببه نقص ماء النيل، واضطربت الأحوال، وضاق الناس بالحكم، كتب بعضهم إلى المعز يزينون له فتح مصر ولم يكن هو في حاجة إلى من يزين له الأمر؛ إذ كان يراقب الأوضاع عن كثب، ويمني نفسه باللحظة التي يدخل فيها مصر فاتحا، فيحقق لنفسه ما عجز أجداده عن تحقيقه.
مقدمات الفتح
كان أمل الفاطميين التوسع شرقا ومجابهة الخلافة العباسية للقضاء عليها، وإذا كانت دعوتهم قد أقاموها في أطراف العالم الإسلامي حتى تكون بعيدة عن العباسيين، فإن ذلك لم يعد مقبولا عندهم بعد أن قويت شوكتهم واتسع نفوذهم، وأصبحت الفرصة مواتية لتحقيق الحلم المنشود، والتواجد في قلب العالم الإسلامي.
وقد بدأ الفاطميون منذ سنة (355هـ= 996) استعدادهم للانتقال إلى مصر، واتخاذ الإجراءات التي تعينهم على ذلك، فأمر المعز بحفر الآبار في طريق مصر، وبناء الاستراحات على طوال الطريق، وعهد إلى ابنه "تميم" بالإشراف على هذه الأعمال.
فتح مصر
حشد المعز لدين الله لفتح مصر جيشا هائلا بلغ 100 ألف جندي أغلبهم من القبائل البربرية وجعل قيادته لواحد من أكفأ القادة هو جوهر الصقلي الذي نجح من قبل في بسط نفوذ الفاطميين في الشمال الأفريقي كله وخرج المعز في وداعهم في 14 من ربيع الأول 358هـ = 4 من فبراير 969م ولم يجد الجيش مشقة في مهمته ودخل عاصمة البلاد في 17 من شعبان 358هـ= 6 يوليو 969م دون مقاومة تذكر، وبعد أن أعطى الأمان للمصريين.
الخليفة الفاطمي في القاهرة
ملف:Azharwithsunset.JPG
الأزهر بالقاهرةرأى جوهر الصقلي أن الوقت قد حان لحضور الخليفة المعز بنفسه إلى مصر، وأن الظروف مهيأة لاستقباله في القاهرة عاصمته الجديدة فكتب إليه يدعوه إلى الحضور وتسلم زمام الحكم فخرج المعز من المنصورية عاصمته في المغرب وكانت تتصل بالقيروان في 21 من شوال 361 هـ= 5 من أغسطس 972م وحمل معه كل ذخائره وأمواله حتى توابيت آبائه حملها معه وهو في طريقه إليها واستخلف على المغرب أسرة بربرية محلية هي أسرة بني زيري، وكان هذا يعني أن الفاطميين قد عزموا على الاستقرار في القاهرة، وأن فتحهم لها لم يكن لكسب أراضٍ جديدة لدولتهم، وغنما لتكون مستقرا لهم ومركزا يهددون به الخلافة العباسية.
وصل المعز إلى القاهرة في 7 رمضان 362هـ= 11 يونيو 972م، وأقام في القصر الذي بناه جوهر، وفي اليوم الثاني خرج لاستقبال مهنئيه وأصبحت القاهرة منذ ذلك الحين مقرا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية السنية.
قضى المعز لدين الله القسم الأكبر من خلافته في المغرب، ولم يبق في مصر إلا نحو 3 سنوات، ولكنها كانت ذات تأثير في حياة دولته، فقد نجح في نقل مركز دولته إلى القاهرة، وأقام حكومة قوية أحدثت انقلابا في المظاهر الدينية والثقافية والاجتماعية في مصر، ولا تزال بعض آثاره تطل علينا حتى الآن، وجعل من مصر قلبا للعالم الإسلامي ومركزا لنشر دعوته الإسماعيلية والتطلع إلى التوسع وبسط النفوذ.
وقد قامت القاهرة بعد ذلك بدورها القيادي حتى بعد سقوط الدولة الفاطمية في الوقوف أمام المد الصليبي وهجمات المغول، وهو ما يثبت أن العالم الإسلامي كان بحاجة إلى مركز متوسط للقيام بمثل هذه الأدوار، وهذا ما تنبه إليه الفاطميون وأثبتته أحداث التاريخ من قديم الزمان؛ حيث كانت الإسكندرية تشغله في العصر الروماني البيزنطي.
ولم تطل الحياة بالمعز في القاهرة ليشهد ثمار ما أنجزته يداه، لكن حسبه أنه نجح في الانتقال بدولته من المغرب التي كانت تنهكها ثورات البربر المتتالية، ولم تدع له فرصة لالتقاط أنفاسها حتى تكون مستقرا جديدا للتوسع والاستمرار، وأنه أول خليفة فاطمي يحكم دولته من القاهرة، عاصمته الجديدة.
أرسل المعز جيشه بقيادة جوهر الصقلي في حروب ضد قبائل المغرب وأمويي الأندلس. كما أكدت غاراته على إيطاليا سيادة الفاطميين على البحر المتوسط على حساب البيزنطيين. وتوفي الخليفة المعز لدين الله في القاهرة في 16 ربيع الثاني 365 هـ/23 ديسمبر 975م.
المعز لدين الله والقرامطة
بالرغم من أن الإسماعيلية والقرامطة يصدران عن مذهب واحد، أو عن فرقتين تؤولان إلى نفس المذهب، هو التشيّع؛ إلا أن اختلاف الاستراتيجيات السياسية جعلت منهما خصمين لدودين، وقد تميّز عهد المعز بتأليب المسلمين على القرامطة الذين تركت أعمالهم أثراً سيئاً في نفوس المسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، وعلى الأخص انتزاعهم للحجر الأسود من الكعبة واحتفاظهم به لعدة سنوات.
وقد حارب المعز القرامطة وجرّد لهم الجيوش إلى أن استطاع إبعادهم إلى شرق الجزيرة العربية بعيداً عن مكة وجوارها، ويذكر التاريخ أن عدة مراسلات نشأت بين الطرفين، ولكن أشهرها هي رسالة المعز التي نورد مقتطفاً منها أدناه:
من عبد الله ووليه وخيرته وصفيه معد أبي تميم المعز لدين الله أمير المؤمنين وسلالة خيبر النبيين ونجل علي أفضل الوصيين إلى الحسن بن أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم رسوم النطقاء ومذاهب الأئمة والأنبياء ومسالك الرسل والأوصياء السالف والآنف منا صلوات الله علينا وعلى آبائنا أولى الأيدي والأبصار في متقدم الدهور والأكوار وسالف الأزمان والأعصار عند قيامهم بأحكام الله وانتصابهم لأمر الله الابتداء بالإعذار والانتهاء بالإنذار قبل إنفاذ الأقدار في أهل الشقاق والأصار لتكون الحجة على من خالف وعصى والعقوبة على من باين وغوى حسب ما قال الله جل وعز: "وما كُنَّا مُعَذِّبينَ حتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً". (...)
استشعروا النظر قد نقر في الناقور وفار التنور وأتى النذير بين يدي عذاب شديد فمن شاء فلينظر ومن شاء فليتدبر وما على الرسول إلا البلاغ المبين. وكتابنا هذا من فسطاط مصر وقد جئناها على قدر مقدور ووقت مذكور فلا نرفع قدماً ولا نضع قدماً إلا بعلم موضوع وحكم مجموع وأجل معلوم وأمر قد سبق وقضاء قد تحقق. (...)
فما أنت وقومك إلا كمناخ نعم أو كمراح غنم فإما نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون وأنت في القفص مصفودا ونتوفنيك فإلينا مرجعهم فعندها تخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين "فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَولَّى"، "كأَنهم يوم يَرَوْنَ ما يُوعدُونَ لم يَلبثوا إلا ساعةَ من نهارٍ بلاغٌ فهل يُهْلَكُ إِلا القومُ الفاسقون". فليتدبر من كان ذا تدبر وليتفكر من كان ذا تفكر وليحذر يوم القيامة من الحسرة والندامة "أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يحَسْرَتَي عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنبِ اللّهِ" ويا حسرتنا على ما فرطنا ويا ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل، هيهات غلبت عليكم شقاوتكم وكنتم قوماً بوراً.
والسلام على من اتبع الهدى وسلم من عواقب الردى وانتمى إلى الملأ الأعلى وحسبنا الله الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا النبي الأمى والطيبين من عترته وسلم تسليماً.[1]
المعز لدين الله مخترع قلم الحبر
كان للمعز لدين الله إلى جانب اهتمامه بالعقيدة والفلسفة والأدب اهتمامات علمية جعلت مجلسه يعجّ بالعلماء والأطباء والفنانين، إلا أن أطرف ما يذكره المقريزي في هذا المجال هو اختراعه لقلم الحبر الذي ما أن يخطّ به الكاتب على وجه الصفحة حتى يسيل، ويتوقف ما أن يرفع يده عنها.
[b]
السهم الهادي- عضو جديد
- عدد المساهمات : 13
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
رد: المعز لدين الله الفاطمي
أشكرك صديقي
على هذة المقالة النيرة والجميلة
الذي تنور المنتدى
أستمتعت حقآآآ بقرأة ما بين السطور
سلمت يداك
على هذة المقالة النيرة والجميلة
الذي تنور المنتدى
أستمتعت حقآآآ بقرأة ما بين السطور
سلمت يداك
أحباب الروح- عضو سابق
- عدد المساهمات : 1985
تاريخ التسجيل : 01/02/2010
الموقع : شــــمــــس الـــســـويـــداء
رد: المعز لدين الله الفاطمي
شكرا للمرور الذي انار صفحتي
السهم الهادي- عضو جديد
- عدد المساهمات : 13
تاريخ التسجيل : 01/07/2010
رد: المعز لدين الله الفاطمي
السهم الهادي
شكرا على هذه الكلمات الرائعة
تقبل مروري
شكرا على هذه الكلمات الرائعة
تقبل مروري
نور الحب- مشرفة
- عدد المساهمات : 475
تاريخ التسجيل : 23/01/2010
الموقع : https://sunof-love.yoo7.com
رد: المعز لدين الله الفاطمي
شكرا لك أخي على هذا الاقتباس الرائع......
ليسرّنا جدا أن نعرف سيرة أشخاص قديرين كالمعز لدين الله الفاطمي
لذا اشكرك جزيلا على افادة الاخوان بهذه المعلومات القيّمة
ليسرّنا جدا أن نعرف سيرة أشخاص قديرين كالمعز لدين الله الفاطمي
لذا اشكرك جزيلا على افادة الاخوان بهذه المعلومات القيّمة
عاشقة الحكمة- عضو جديد
- عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 30/08/2010
مواضيع مماثلة
» سلمتك بيد الله
» لماذا حرم الله هذه الأشياء
» استسلمت لما كتبه الله
» إبــدأ يـــومــك بــذكــر الله
» الدعاء المستجاب بأذن الله
» لماذا حرم الله هذه الأشياء
» استسلمت لما كتبه الله
» إبــدأ يـــومــك بــذكــر الله
» الدعاء المستجاب بأذن الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء فبراير 07, 2017 1:15 am من طرف نضال ابوطافش
» متى تقول أنا في غربة؟
الثلاثاء فبراير 07, 2017 1:03 am من طرف نضال ابوطافش
» أردت أن أقول
السبت مايو 09, 2015 2:20 pm من طرف سنديانة
» ماذا ستكتب على جدار الزمان
السبت مايو 09, 2015 2:13 pm من طرف سنديانة
» كنت سأخبرك
السبت مايو 09, 2015 2:10 pm من طرف سنديانة
» ما هي امنيتك لهذا اليوم
السبت مايو 09, 2015 2:02 pm من طرف سنديانة
» عبر بكلمة
السبت مايو 09, 2015 2:01 pm من طرف سنديانة
» لمن تهدي هذه العبارة
الجمعة أبريل 17, 2015 2:58 pm من طرف مازن القنطار
» احبك
الجمعة أبريل 17, 2015 2:57 pm من طرف مازن القنطار
» الأرقام
الجمعة أبريل 17, 2015 2:55 pm من طرف مازن القنطار
» صباحيات ومسائيات شمس الحب
الجمعة أبريل 17, 2015 2:43 pm من طرف مازن القنطار
» حوار القلوب
الجمعة أبريل 17, 2015 2:39 pm من طرف مازن القنطار
» أذا أحد طلب منك أن تكتب سطرين ..........ماذا ستكتب
الجمعة أبريل 17, 2015 2:37 pm من طرف مازن القنطار
» SMS على الهواء مباشرة
الجمعة أبريل 17, 2015 2:30 pm من طرف مازن القنطار
» لعبة قمر المنتدى والنجوم
الخميس أغسطس 07, 2014 3:19 pm من طرف فراشة القمر
» صباح الخير
الثلاثاء أغسطس 05, 2014 4:54 am من طرف مازن القنطار
» الي بيصل رقم 7بيختار عضو يحلقلو عالصفر
الإثنين أغسطس 04, 2014 6:38 pm من طرف سنديانة
» للسلام
الإثنين يوليو 21, 2014 4:50 pm من طرف مازن القنطار
» دفتر الحضور والغياب اليومي
الإثنين يوليو 21, 2014 4:30 pm من طرف مازن القنطار
» الامبراطور\ه
الجمعة يوليو 04, 2014 10:21 pm من طرف زهرة الياسمين
» اتمنى
الأربعاء يوليو 02, 2014 2:53 am من طرف مازن القنطار
» قصيدة ابو اميل اديب القنطار (اهداء الى داما ورجالها)
الجمعة يونيو 27, 2014 2:43 am من طرف مازن القنطار
» كل سنة وانتي بألف خير فراشة
الإثنين يونيو 23, 2014 6:52 am من طرف فراشة القمر
» قصيدة للشاعرابو حسن يحيى القنطار
السبت يونيو 21, 2014 5:03 am من طرف فراشة القمر
» غمامة صيف في الهواء!
الخميس يونيو 19, 2014 1:54 am من طرف مازن القنطار
» أحر التعازي
الخميس يونيو 19, 2014 1:42 am من طرف مازن القنطار
» لكل شي بداية ونهاية
الثلاثاء ديسمبر 31, 2013 7:13 pm من طرف سنديانة
» مبروك
الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 5:03 am من طرف مازن القنطار
» عقل المرأه
الإثنين سبتمبر 09, 2013 7:31 pm من طرف زهرة الياسمين
» You !
الثلاثاء يوليو 30, 2013 1:09 pm من طرف نسرين المهتار
» مربى البذنجان
الأربعاء يوليو 10, 2013 12:38 pm من طرف نسرين المهتار
» اهلا بك دريد
السبت يونيو 22, 2013 9:27 am من طرف دموع المطر
» رحبو بالصديقة عاشقة زوجي
السبت يونيو 22, 2013 9:26 am من طرف دموع المطر
» اهلا أمير الاحزان
السبت يونيو 22, 2013 9:22 am من طرف دموع المطر
» بلال اهلا وسهلا
الثلاثاء يونيو 18, 2013 6:59 am من طرف مازن القنطار
» الذبحة الصدرية
الثلاثاء يونيو 04, 2013 1:43 pm من طرف سنديانة
» افتقدكم كثيراً
الأحد مايو 12, 2013 1:17 pm من طرف نسرين المهتار
» إعتذار
الأحد أبريل 28, 2013 12:44 pm من طرف نسرين المهتار
» إحذر الدقائق الثلاث الأولى من الإستيقاظ
الخميس أبريل 25, 2013 1:25 pm من طرف سنديانة
» هذه هي الحياة
الخميس أبريل 25, 2013 12:53 pm من طرف نسرين المهتار